التخطي إلى المحتوى
محتويات

بحر في زورق 2019 , Short story 2019
بحر في زورق 2019 , Short story 2019

بحر في زورق 2019 , Short story 2019

فجأة قررت أن اصبح قرصانا . الظروف ملائمة تماما ، ولي جسد يصلح للقرصنة ، بعضلاته المقببة ، ولونه الذي لوحته الشمس كثيرا ، صديقي خطط وشما رائعا على ذراعي يمثل نسرا يتربع على أفعى تلتف حول نفسها ، ولكي أغدو قرصانا حقيقيا ، فقد رحت اغرز طرف الإبرة المدبب برفق ثم أقوى ، عشرات بل مئات المرات على التخطيط ، حتى سالت الدماء ، ثم دلكته بالرماد .
اشتريت قرطا من حلقتين ، علقت إحداها في شحمة أذني اليسرى ، والأخرى في فتحة انفي اليمنى ، واشتريت مسدسا عثمانيا جربته لأكثر من مرة ، بل قتلت به هرا كان يتلصص للانقضاض على ذكر حمامة يزق أنثاه .
اشتريت أيضا خنجرا معقوفا ، شحذته جيدا ونفعني كثيرا في تقليم أظفاري الطويلة الوسخة ، واشتريت أشياء أخر اقتضتها القرصنة .
يا للنساء الحسناوات اللواتي أصدتهن من الجزر . كن يضربنني بقبضاتهن الدافئة ، يرفسن ، يصرخن . غير إنهن يوشوشن في أذني : آه أيها الحبيب كم أنت ظمآن ، وكم نحن ظمئا وات ؟
نساء شقراوات ، خلاسيات ، سمراوات .
الليل رائق والنجوم تتلألأ ، والسفينة تمخر عباب البحر باطمئنان . قضيت ساعات هي كل عمري ، احتسي أجود أنواع الخمور . اقضم الفاكهة . أدخن (الجروت) بعدها اجمع شهوة الرجال ، كل الرجال في داخلي ، وأفجرها في مهرجان أجسادهن .
أنا لا آمن مكر النساء ، ففي النهاية سيخرقن السفينة ، عندما يشدهن الحنين إلى أوطانهن ،؟ ولهذا أطلقت سراحهن .
خطوتي التالية كانت مع الكنوز . سطوت على كل غال ونفيس ، من قلائد وخلاخل وأقراط ذهبية وماسية . نبشت المقابر الملكية وسلبتهم آلهتهم ، أوانيهم ، سيوفهم ، ملاعقهم . بكوا كثيرا . استعطفوني اكثر فلم الوي على شيء ، فهذا مما لا يليق بقرصان مثلي .
أنا الآن أغنى رجل في العالم ، أعيش كرجل عصري في قصري المشيد على ألف هكتار ، لا يسلب راحتي غير أولئك الفقراء ، الذين يطرقون بابي ما بين فترة وأخرى :
أيها الطيب ، زوجتي ستطردني من البيت ، إن لم اشتري لها الثلاجة .
أرجوك أيها المحسن ، فستان لا غير ، فزوجتي عارية مذ تزوجتها ، وأنا لو عملت عمري كله لما استطعت أن اشتري لها خيوط الفستان .
أيها السيد ، يا راعي الفنون ، أنا لن أكلفك كثيرا . مجرد راديو . زوجتي لا تكف عن البكاء مثل الطفلة : أريد أن اسمع كاظم الساهر ، أريد أن اسمع كاظم الساهر .
حثالة متسولين . لم لا يصبحون قراصنة مثلي ؟ ويجري الخير بين أيديهم كالنهر . أو فليكونوا شجعانا ، ولو مرة واحدة في حياتهم ، ويطلقوا زوجاتهم ، تلك البالوعات التي لا تشبع .
تفضل .
أخذت رغيف الخبز من صاحب البيت الذي تأخر كثيرا . ربما حلا له أن يضاجع زوجته في هذا الوقت بالذات.
توجهت إلى البيت الذي يليه ، لأدق بابه :
من مال الله .

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *